قوله تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}
  إلى الصلاة عند وقوعها، وكان رسول الله ÷ إذا حزبه(١) أمر فزع إلى الصلاة.
  وعن ابن عباس: أنه نعي إليه أخوه قثم(٢)، وهو في سفر فاسترجع، وتنحى عن الطريق فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ}(٣).
  وقيل: المراد، واستعينوا على حوائجكم إلى الله تعالى بالجمع بين الصبر والصلاة، أي: تصلون صابرين على تكاليف الصلاة، وما يلزم فيها من الإخلاص، وحفظ النيات، ودفع الوساوس مع الخشية والخشوع، واستحضار العلم بأنه انتصاب بين يدي جبار السموات، ليسأل فك الرقاب من سخطه وعذابه، ومن هذا قوله تعالى في سورة طه: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها}[طه: ١٣٢].
  وقيل: الصبر: هو الصوم(٤). وقيل: الصلاة: الدعاء.
  إن قيل: إذا لم تكبر على الخاشعين، فكيف استحقاق الثواب، وهو على قدر المشقة؟
  جواب ذلك: أن مشقة الخاشعين أعظم؛ لأنهم يؤدونها مع تدبر الآيات، واستحضار الخوف والحزن، واستصحاب النية وغير ذلك؛ لكن لما علموا الثواب العظيم سهل الأمر عليهم.
(١) حزبه أمر إذا أصابه. صحاح. والحديث أخرجه أبو داود ٢/ ٣٥ رقم ١٣١٩، وأحمد.
(٢) قثم: هو قثم بن العباس بن عبد المطلب، صحابي استشهد في غزوة سمرقند سنة ٥٧ هـ وقبره بها، وولي المدينة لأمير المؤمنين #.
(٣) قال في تخريج الكشاف: موقوف: أخرجه سعيد بن منصور، والطبري من طريق عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه
(٤) لأنه حبس عن المفطرات، ومنه قيل لشهر رمضان: الصبر.