تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {إذا لقيتم الذين كفروا زحفا}

صفحة 327 - الجزء 3

  الذي ذكره أنه يجوز مع خشية الهلاك الفرار إلى فئة وإن بعدت - إذا لم يقصد الإقلاع عن الجهاد، وحمل عليه حديث ابن عمر، ويكون حكم الآية باقيا غير منسوخ.

  القول الرابع: ما ذكره أبو طالب، وحكاه عن الكرخي أن الثبات والمصابرة واجب إذا لم يخش الاستئصال، وعرف عدم نكايته للكفار، والتجأ إلى مصر للمسلمين أو جيش، وهكذا أطلق في (شرح الإبانة)، فلم يبح الفرار إلا بهذه الشروط الثلاثة.

  قال الفقيه بدر الدين محمد بن سليمان ¦: الأولى أن يقال: إذا خشي استئصال المسلمين، أو أنه يلحقهم وهن جاز الفرار، ولو عرف النكاية؛ لأن خشية الاستئصال تبيح قتل المسلم الذي تترس به الكفار، فيكون هذا أولى وأخرى، ونتأول كلام أبي طالب على هذا.

  قال الحاكم: وتكون الآية ثابتة، وحكمها ثابت على التفصيل.

  وقال عطاء بن أبي رباح: إنها منسوخة بقوله تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ}.

  قال الحاكم: إذا أمكن الجمع فلا نسخ، وهؤلاء الذين اعتبروا التفصيل من أبي طالب، والكرخي لم يعتبروا العدد.

  وقال الإمام يحيى: هذه الآية عامة تقضي بوجوب المصابرة، وإن تضاعف عدد المشركين أضعافا كثيرة؛ لكن هذا العموم مخصوص بقوله تعالى في السورة هذه: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً} فأوجب الله المصابرة على الواحدة للعشرة؛ لأنه خبر معناه الأمر، فلما شق ذلك على المسلمين رحمهم الله تعالى، وأوجب على الواحد مصابرة الاثنين، فقال تعالى في السورة هذه: