وقوله تعالى: {إذا لقيتم الذين كفروا زحفا}
  {الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ}.
  وعن ابن عباس: من فر من اثنين فقد فر، ومن فر من ثلاثة فلم يفر، فمع هذا لا يجوز الفرار إلا لأحد الأمرين، وسواء كان الفئة التي فر إليها قريبة أو بعيدة لحديث ابن عمر، يعني: من الفرار لضعفي عدد المسلمين.
  قال الإمام #: فإن غلب على ظنه أنه إن لم يفر هلك، لم يجب الفرار وفاقا.
  وفي الجواز احتمالان: يجوز لئلا يهلك نفسه، ولا يجوز لظاهر الآية.
  وفي مهذب الشافعي إذا زاد عددهم على مثلي عدد المسلمين جاز الفرار، لكن إن غلب على ظنهم أنهم لا يهلكون، فالأفضل الثبات، وإن ظنوا الهلاك فوجهان: يلزم الانصراف، لقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}.
  الثاني: يستحب ولا يجب؛ لأنهم إن قتلوا فازوا بالشهادة.
  وإن لم يزد عدد الكفار على مثلي عدد المسلمين، فإن لم يظنوا الهلاك لم يجز الفرار، وإن ظنوه فوجهان: يجوز لقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ولا يجوز، وصححوه لظاهر الآية(١).
  فرع
  ذكره في الانتصار قال: إذا لقى رجلا مسلما رجلان من أهل الحرب، وطلباه القتال جاز له الفرار؛ لأنه غير متأهب، فإن كان طالبا
(١) وظاهر المذهب أنه لا يجوز الفرار إلا إلى فئة، أو لخشية الاستئصال، أو نقص عام في الإسلام، كما اختاره الإمام المهدي #.