تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {حتى لا تكون فتنة}

صفحة 348 - الجزء 3

  قال: وهو مذهب عطاء بن السائب، وسفيان، وأبي حنيفة، والشافعي.

  فالأنفال أن يقول الإمام: من قتل قتيلا فله كذا، ونحو ذلك، وله أن يقول ذلك قبل إحراز الغنيمة، وبعد الإحراز عند الهادي #.

  وقال أبو حنيفة: له أن يقول ذلك قبل إحراز الغنيمة، لا بعد الإحراز.

  وأما الفيء: فهو ما صار إلى المسلمين من مال أهل الحرب من غير قتال، ومن ذلك الخراج، والجزية، ومال الصلح، فيجب فيه الخمس لأهل الخمس، وأربعة أخماس للرسول، فعلى هذا لا نسخ، وإذا قلنا: إن الجميع واحد؛ فآية القسمة ناسخة لآية الأنفال؛ لأن قوله تعالى: {قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} قضت أن النبي ÷ يفعل فيها ما شاء، وقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} قضت بالقسمة فهي ناسخة⁣(⁣١)، وما في الحشر، وذلك قوله تعالى: {وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ} وآخر الآية وهي قوله تعالى: {ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} قيل: المراد بهما⁣(⁣٢) واحد، وهو الفيء الذي يؤخذ بغير قتال، فأراد بالأول الولاية في القسمة إلى الرسول، وأن له الصرف في نفسه، وبيّن في آخرها من تصرف إليه، وهذا كلام جار الله، أن الثاني هو الأول، قال: ولهذا لم يدخل العاطف لما كانت الثانية الأولى، لا أنها أجنبية.

  وقال: إنه تعالى بين للرسول أن يضعه حيث يضع الخمس من الغنائم، وقيل: أراد بالأول الفيء، وهو ما أخذ صلحا، وبالآخر خمس الغنائم، وهذا مروي عن أبي علي.


(١) قلنا: لا نسخ؛ إذ الغنيمة موقوفة على رأي الإمام.

(٢) قوله (بهما) أي: أول الآية وآخرها.