قوله تعالى: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون}
  الحكم الأول
  يتعلق بقوله: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} مفهوم ذلك أن قبل انسلاخها لا يجوز شيء مما ذكر وهو القتل، والأخذ، والحصر.
  واختلف ما أريد بالأشهر فقيل: هي ثلاثة سرد ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وواحد فرد وهو رجب، وهذا قول جماعة من المفسرين، واختاره أبو علي.
  وقيل: أراد بالأشهر الحرم وهي شهور العهد، وسميت حرما لأن الله تعالى حرم فيها القتال، ودماء المشركين عن مجاهد، وابن إسحاق، وابن زيد.
  واختلفوا في تعيينها، فقيل: من عشر ذي الحجة إلى عشر من ربيع الآخر، عن الحسن.
  قال: وسميت حرم لابتدائها في أشهر الحرم.
  وقيل: من عشر ذي القعدة إلى عشر من ربيع الأول، وكانوا حجوا في تلك السنة في ذي القعدة، للنسيء.
  وقيل: أراد انسلاخ المحرم فإنه إذا انسلخ جاز قتل من لا عهد له عن الأصم، فإن حمل هذا على من له عهد فلا إشكال في تحريم قتله في وقت العهد وذلك مجمع عليه معلوم، وإن حمل على أن المراد الأشهر الحرم التي حرم الله فيها القتال فتحريم القتل منسوخ ..
  الحكم الثاني
  مأخوذ من منطوق اللفظ وصريحه، وهو جواز القتل والأسر والحصر بعد انسلاخ المدة المذكورة، فقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} يعني: على أيّ حال، سواء كان في الحل أو الحرم، عن الأصم، وسواء كان القتل سرا أو علانية، ذكره الحاكم.