قوله تعالى: {ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين}
  وقيل: بالغضروف، وهو أصل الأذن، وقوي؛ لأن فيه الحياة، ولهذا من ضرب فيه لم يعش. وقيل: ضربوه بالأذن.
  وقيل: بالبضعة التي بين الكتفين.
  وروي أنهم لما ضربوه قام بإذن الله تعالى وأوداجه تشخب دما، وقال: قتلني فلان، لابن عمه، ثم سقط ميتا، فأنكروا قتله وحلفوا، ولهذا قال: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ} وكان هذا قبل نزول القسامة في بني إسرائيل.
  قال في العجائب والغرائب(١): وإنما خص الله سبحانه البقرة؛ لأنهم عبدوا العجل، فعظم أمر البقرة عندهم، فأراد الله تعالى أن يزيل ذلك عن قلوبهم(٢).
  وهذه الآيات الكريمة قد استثمر منها، ومن سبب نزولها فوائد:
  منها: أن الأمر على الوجوب، وعلى الفور؛ لأن الله تعالى وبخهم على ترك المبادرة، بقوله تعالى: {فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ} وذلك استبطاء لتركهم للمبادرة، ومن يقول الأمر للاستحباب، أو على التراخي يقول: ذلك لقرينة
  ومنها: أنه يستحب أن يقدم على الطلب من الله تعالى بشئ من القرب، لذلك أمر الله تعالى بالتقرب بذبحها، قبل طلب بيان القاتل، وهذا نظير الاستسقاء(٣).
(١) كتاب للإمام المهدي أحمد بن يحي المرتضى #.
(٢) وذلك أنه لما أمرهم بذبحها لترتب المصلحة على ذبحها وموتها دون حياتها، فتهون عليهم بخلاف ما لو ترتبت المصلحة على حياتها لبقي التعظيم بحاله. (ح / ص).
(٣) في (ح / ص) (ينظر في استفادة القربة من هذا، إذ لم يعرف أنهم تصدقوا به، فإن عرف ذلك بدليل فلا بأس به).