تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين}

صفحة 12 - الجزء 4

  وقيل: هو عطف على قوله: {لِيُضِلُّوا}، واللام في ليضلوا لام العاقبة، كقوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً} قال الشاعر:

  [له ملك ينادي كل يوم] ... لدوا للموت وابنوا للخراب

  وقال جار الله: لما علم موسى # من حالهم بالتجربة وطول الصحبة أن إيمانهم كالمحال، أو أعلمه الله تعالى ذلك اشتد غضبه عليهم فدعا عليهم بما علم أنه لا يكون غيره، كما تقول: لعن الله إبليس، وأخزى الله الكفرة، مع علمك أنه لا يكون غير ذلك.

  فحصل من كلام المفسرين أنه لا يجوز الدعاء بالضلال لمن لم يقطع بأنه من أهل النار، وقد قال جار الله |: من كره إيمان الكافر وأحب بقاءه على الكفر فهو كافر؛ لأن الرضاء بالكفر كفر.

  قوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}⁣[يونس: ٩٩]

  قال جار الله: المراد إكراه القهر والإلجاء: يعني أن ما ذلك إلى الله تعالى لا إلى النبي ÷؛ لأنه تعالى قال: {وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ} يعني مشيئة إكراه وإلجاء، فلا يكون في ذلك دلالة على أنه تعالى لا يريد أن النبي ÷ يكره الكفار، بل الله تعالى يريد منا إكراه الكفار على الإسلام؛ لأنه تعالى قد أمرنا بجهادهم، والتوعد لهم بالسيف إن لم يؤمنوا.