تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين}

صفحة 161 - الجزء 1

  وقد قال أهل الفقه: إذا اختلت صلاة الإمام، وأراد أن يستخلف لم يستقبلهم بوجهه لئلا يوقعهم في مكروه، وهو استقبال وجه الصورة؛ لأنه قد نهي عنه، وقالوا أيضا: إذا عرف الإمام أن العسكر يخونون في الغنيمة استحب أن يقول: من أخذ شيئا فهو له، لئلا يقعوا في محظور.

  ومنها: أن الواجب يصح، ولو فعله الإنسان مع الكراهة لمعنى من المعاني الشاقة⁣(⁣١)، ذكره الحاكم⁣(⁣٢)؛ لقوله تعالى: {وَما كادُوا يَفْعَلُونَ} قال: يعني لما في ذلك من المشاق من كثرة الثمن وغيره⁣(⁣٣).

  ومنها: حسن القيام بحق الوالدين، والولد؛ لأن القصة «أنه كان في بني إسرائيل شيخ صالح، له عجلة بثلاثة دنانير، وكان بارا بوالديه، فأتى بهذه العجلة الغيضة، وقال: اللهم إني استودعتكها لابني حتى يكبر، فشبت العجلة، وكانت من أحسن البقر وأسمنها، فاشتروها بعد المساومة من اليتيم وأمه بملء مسكها ذهبا، وقيل: بوزنها عشر مرات، ولم توجد البقرة الموصوفة إلا مع هذا اليتيم، وكانوا يطلبونها أربعين سنة.

  ومنها: ثبوت الردع عن المعاصي، وإن كتمت فهذه خمسة عشر حكما.


(١) لعله يريد البقرة التي لا تدخل تحت التكليف، فقد يطلق عليها لفظ الكراهة توسعا، أو يريد كراهة المشقة لا الفعل. (ح / ص).

(٢) قال الحاكم في التهذيب: (وتدل على أن امتثال الأمر يقع موقعه، وإن وقع من المكلف بكره، لأنه قد ينكره للمشقة، ويصح فعله).

(٣) قال الحاكم في تفسيره (أي قبل الذبح كادوا لا يذبحون، قيل: لغلاء ثمنها، عن محمد بن كعب، وقيل: لقلة وجود مثلها، وقيل: لخوف الفضيحة، عن وهب والأصم، وقيل: لهما، وهذا لا يصح لأن موسى لم يخبرهم أنه يريد ذبح البقرة لإحياء الميت حتى الجئوا، وكل ذلك كان خطأ منهم، لأن الواجب المبادرة الى امر الله وإن لم يتمكن من ذلك إلا بالمال الكثير، والتعب الشديد، لأن وجوب الشيء يقتضي وجوب ما لا يتم ذلك الواجب إلا به).