قوله تعالى: {قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد}
  الحكم الثاني: أن المشروع في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر البداية بالأيسر، فيبدأ بالقول اللين قبل غيره.
  الثالث: جواز نكاح المؤمنة بالكافر، وكان هذا في شريعتهم؛ لأنه عرض عليهم نكاح بناته، وكان هذا جائزا في ابتداء شريعتنا، ولهذا فإنه ÷ زوج بنته زينب من أبي العاص بن الربيع وكان مشركا، وزوج ÷ من ابني أبي لهب عتبة وعتيبة.
  قال في السفينة: كانت أم كلثوم ورقية تحت ابني أبي لهب ففارقاهما فتزوج عثمان بهما واحدة بعد أخرى.
  قال الحاكم: وهذا هو الظاهر.
  وقيل: عرض عليهم؛ بشرط الإيمان، عن الأصم، والزجاج، والأول هو الظاهر، وقد فسر به الزمخشري، لكنه منسوخ بقوله تعالى في سورة الممتحنة: {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ} وهذا إجماع أن الكافر - أي: كفر كان - لا ينكح مؤمنة، سواء كان حربيا، أو كتابيا، وكذا المجبرة على قول من كفّرهم.
  وقال الإمام يحيى في موضع: يجوز مناكحتهم عند من كفّرهم، وهو محتمل.
  الرابع: حسن إكرام الضيف، فإن لوطا # عرض أن ينكحوا بناته ليقي ضيفانه.
  قيل: وهذا غاية الكرم.
  والنظر أن يقال: هل يكون مثل هذا على سبيل الوجوب، وأن من عرف أنه يفجر إن لم ينكح هل يجب على الرجل أن يزوجه بناته؟
  وجواب هذا أن يقال: لا يجب؛ لأنهم قد قالوا: لا يجب على الابن أن يعف أباه، فلم يوجبوا بذل المال لعفة الأب، فكذا بذل نكاح الحرم.