تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فسئله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم}

صفحة 49 - الجزء 4

  الأولى: جواز طلب الولاية من الظلمة والكفرة على ما أفاده الظاهر؛ لأن هذا الملك كان كافرا، وطلب منه يوسف صلّى الله عليه الولاية، وهذا هو تخريج المؤيد بالله للهادي #، وهو قول أحمد بن عيسى، وكثير من الفقهاء، أخذا بهذا الظاهر، وبما جرى من عادة العلماء في كثير من الأمصار، ولأن الضرورة داعية إلى ذلك مع عدم الإمام.

  والذي حصله أبو العباس للمذهب - وهو قول مشايخ المعتزلة - أن ذلك لا يجوز، حتى قال أبو علي: إن التولية من جهتهم فسق، واحتجوا على هذا بقوله تعالى: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}⁣[هود: ١١٣] وهذا ركون.

  وذكر في هذه الآية وجوه:

  الأول: أن يوسف صلّى الله عليه يصرّف عن نفسه، وأن ملك مصر خلّى له الأمر، ولهذا قال تعالى: {يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ} بالياء مضافا إلى يوسف، وهي قراءة الأكثر.

  وقراءة ابن كثير: (حيث نشاء) بالنون مضافا إلى الله تعالى.

  ويروى أن الملك توّجه بتاجه وختّمه بخاتمه وروّاه بسيفه، ووضع له سريرا من ذهب مكللا بالدر والياقوت.

  وروي أنه قال له: أما السرير فأشد به ملكك، وأما الخاتم فأدبّر به أمرك، وأما التاج فليس من لباسي ولباس آبائي.

  قال: فقد وضعته إجلالا لك، وإقرارا بفضلك.

  الوجه الثاني: ذكره مجاهد أنه كان قد أسلم.

  الثالث: أنه إذا لم يتمكن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا باستئذان الظلمة والكفرة فإن الاستئذان لهم جائز بل واجب.

  الرابع: أن هذا كان جائزا عقلا قبل ورود السمع.