تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم}

صفحة 50 - الجزء 4

  إذا ثبت هذا فالتولية من جهتهم على وجوه:

  الأول: أن يظهر أنهم على حق في تصرفاتهم فهذا لا يجوز، ولعل ذاك وفاق، وهكذا إذا كان لا يتمكن من التولية منهم إلا بمعاونتهم على المحظور أو بتكثير سوادهم.

  الثاني: أن يكون ذلك خاليا عن هذا، وكان ما طلب التولية فيه قطعيا فهذا جائز بل واجب.

  الثالث: أن يكون الأمر خلافيا، ولكن أراد المتولي أن يقطع الخلاف بالتولية حيث يكون قاضيا أو أراد التصرف بالولاية في مال اليتيم ونحو ذلك.

  فإن قلنا: إن لمن صلح لشيء فعلي جاز له التصرف بما معه من الولاية لا أنه استفاد ذلك بتولية الظالم، لكنه يكون عاصيا بطلب الولاية، ومن جوز التولية منهم أباح له ذلك واستفاد التصرف، وصحة الحكم بتوليتهم هذا حكم.

  قال جار الله: وعن النبي ÷: «رحم الله أخي يوسف لو لم يقل: {اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ} لاستعمله من ساعته، لكنه أخر ذلك سنة».

  الحكم الثاني: جواز تزكية النفس إذا كان يترتب عليه مصلحة؛ لأن يوسف # قال: {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}، وإنما الممنوع أن يقول ذلك على وجه الافتخار والتطاول، وقد ÷: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر».

  الحكم الثالث: أن المتولي للأمور لا بد أن يكون أمينا، فتولية الخائن لا تجوز، ولا بد أن يكون عليما فيما يتصرف فيه، فإن كان عاملا عرف من الفقه ما يأخذ منه وقدر المأخوذ، وكذلك يعرف في كل ولاية ما يتصرف فيه.

  وقد فسر قول يوسف: {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} بأن لا أصرف المال إلا في موضعه.