قوله تعالى: {يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين}
  وقوله: {بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ} أي: مدفوعة يدفعها كل تاجر رغبة عنها، قيل: كانت من متاع الأعراب جبونا، وسمنا.
  وقيل: سويق المقل، والاقط، والمقل الدوم، وقيل: الصنوبر وهو شجر أخضر في الشتاء والصيف.
  وقيل: النعال، والأدم، وقيل: دراهم زيوف.
  وأما الثاني: وهو سؤال الصدقة فظاهر السؤال أنهم أرادوا وفاء الكيل، وقيل: إرخاص السعر، وقيل: الزيادة، والسؤال الذي على وجه المماكسة في البيع والنكاح ونحو ذلك جائز.
  وأما إذا كان في غير عقود المعاوضات فجائز أيضا للمضرة، وفي الحديث عنه ÷: «لا تحل المسألة إلا لذي فقر مدقع، أو دم مقطع، أو غرم موجع».
  وقد يجب السؤال لدفع المضرة لوجوب نفقة الزوجة والأبوين العاجزين، والأولاد الصغار.
  وأما الزائد على ذلك فالمذهب تحريمه لهذا الخبر وأمثاله.
  وعن أبي حنيفة، والشافعي، وصححه الشيخ أبو جعفر جوازه؛ لأن الله تعالى قال: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} فلو فعل محرّما جاز نهره، وهذا في سؤال غير الإمام، فأما سؤال الإمام فجائز؛ لأن في الحديث إلا أن يسأل ذا سلطان، يقال: المراد إذا سأل للضرورة.
  وقيل: أرادوا بالصدقة إخراج أخيهم، ولا إشكال في جواز ذلك، قيل: الصدقة محرمة على الأنبياء فلم يريدوا الزيادة، ولكن أرادوا إرخاص السعر والإغماض عن رداءة البضاعة، وهذا مروي عن سعيد بن جبير وغيره.
  وقيل: سألوا الزيادة، والصدقة لم تحرم على أحد من الأنبياء إلّا على نبينا ÷، وهذا مروي عن سفيان بن عيينة.