قوله تعالى: {يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين}
  ولما سئل ابن عيينة عن ذلك قال: ألم تسمع {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا}، والصدقة: هي العطية التي يبغى بها المثوبة من الله، ومنه قول الحسن لما سمع من يقول: اللهم تصدق عليّ: إن الله لا يتصدق إنما يتصدق الذي يبغى الثواب، قل اللهم اعطني أو ارحمني.
  وكذا روي عن مجاهد كراهة (اللهم تصدق علينا)، لكن قد ورد في حديث يعلى بن منبه أنه لما قال عمر للنبي ÷: ما بالنا نقصر وقد أمنا؟ فقال النبي ÷: «ذلك صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته» وفي ذلك دلالة على أن المحاباة في إرخاص السعر كالصدقة.
  وقد اختلف العلماء هل يجوز للقاضي أن يتولى البيع بنفسه؟
  ففي (شرح الإبانة) لمذهبنا والشافعي: لا يتولاه خشية المحاباة.
  وعند أبي حنيفة، وصاحبيه: يجوز، وجاء في الحديث عنه ÷: «لعن الله الوالي يتجر في رعيته».
  وفي الآية دلالة على أن الغني لا ينافي القربة، فيستحب أن يتصدق على الأغنياء إذا كان فيهم وجه قربة؛ لأنه قد روي أنهم كانوا أغنياء، ولم ينكر عليهم يوسف #.
  ووجه التقرب عليهم قيل: كونهم أنبياء، وقيل: أولاد أنبياء، وهذا يدل على أن من تصدق على رجل لا قربة فيه صلة لآبائه الذين فيهم قربة أن ذلك صدقة وقربة.
  ويدل على أن السائل له حق لا ينبغي أن يخيب؛ لأن يوسف # رق لهم شكايتهم فبادر إلى إنزال المسرة عليهم، قيل: لما قالوا: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ} ارفضت عيناه، وباح بما كان يكتمه.
  وقيل: علم الله المصلحة بإخباره بحالهم.
  وقيل: زال المانع.