قوله تعالى: {الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرؤن بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار}
  قال جار الله: ما أمر الله به أن يوصل من الأرحام والقرابات، ويدخل فيه وصل قرابة رسول الله ÷، وقرابة المؤمنين الثابتة بسبب الإيمان. قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}
  وذلك: بالإحسان، والشفقة، والنصيحة، وإفشاء السّلام عليهم، وعيادة مرضاهم، وشهود جنائزهم، ومراعاة حق الأصحاب، والخدم، والجيران، والرفقاء في السفر، وكلما تعلق بهم بسبب حتى الهر والدجاجة.
  وعن الفضل بن عياض أنه قال: إن العبد إذا أحسن الإحسان كله، وكانت له دجاجة فأساء إليها لم يكن من المحسنين.
  الرابعة: قوله: {وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ}. أي: يخافون عقابه، وقد كرر الله تعالى الوعد بالخيرات لمن خشي ربه نحو ما ذكر في سورة (لم يكن) لقوله: {ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}[البينة: ٨]، والخشية الحقيقة لا تكون إلا مع العلم به تعالى، ولهذا قال: {إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ}[فاطر: ٢٨].
  الخامسة قوله: {وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ} أي: المناقشة.
  وقيل: عدم القبول للطاعة، التكفير للمعصية، وفي هذا إشارة إلى أن العبد يحاسب نفسه، وعليه قوله ÷: «وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا».
  وقد جعل العلماء - رحمهم الله - المحاسبة للنفس من شروط الورع، وقسموا المحاسبة إلى درجات، وقيل: عقيب كل فعل وكل ساعة، أو في كل وقت صلاة، أو عند النوم.
  السادسة: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ}.
  والصبر يكون على فعل الطاعة، فيدخل في ذلك الجهاد، ويكون على فعل المعصية، ويكون على النوائب.