تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين}

صفحة 171 - الجزء 1

  بالموت على الكاذب من الفريقين، فلم يفعلوا ذلك، وكان دعاء إلى المباهلة، وعن النبي ÷: (لو تمنوا الموت لغص كل إنسان بريقه فمات مكانه، فما بقي على وجه الأرض يهودي).

  والثمرة المطلوبة من ذلك:

  أن يقال: قد بين الله تعالى أن الصارف من التمني للموت هو ما فعلوه من المعاصي، فيفهم أن من قدم الأعمال الصالحة، فإنه لا يكره له التمني للموت

  والجواب: أنه غير واثق بقبول العمل، فلا يأمن أن يكون مقصرا فيما يلزمه فيما مر، ويحصل في البقاء التلافي، فلا يكون في الآية دلالة.

  وهذه المسألة فيها إطلاقان وتفصيلان.

  الأول: أن تمني الموت لا يجوز إلا بشرط المصلحة⁣(⁣١)، وأن العلة في كراهة التمني أنه لا يعلم المصلحة، وفي الحديث عنه ÷: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، ولكن ليقل: اللهم أحيني إن كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إن كانت الوفاة خيرا لي)⁣(⁣٢).

  ولأن ذلك يدل على الجزع، وقلة التفويض إلى الله، والصبر، واختار هذا الحاكم، والإطلاق الثاني: أنه يجوز مطلقا، وعن أبي الدرداء: ما من مؤمن ولا كافر إلا والموت خير له، ومن لم يصدقني فإن الله تعالى يقول: {وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ} وقال تعالى: {إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً}.


(١) وكذلك الرزق وغيره. (ح / ص).

(٢) متفق عليه. البخاري في كتاب المرضى، باب تمني المريض الموت وفي كتاب الدعوات، باب الدعاء بالموت والحياة، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب: كراهة تمني الموت، قريب من هذا اللفظ.