تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين}

صفحة 172 - الجزء 1

  القول الثالث: اختاره قاضي القضاة أنه إذا كان على ثقة جاز أن يتمنى الموت؛ لأن من أيقن أنه من أهل الجنة اشتاق إليها، وتمنى سرعة الوصول إلى النعيم، والتخلص من دار الشوائب، وهذا كلام الزمخشري، قال: كما روي عن المبشرين بالجنة، وعن علي #: «أنه كان يطوف بين الصفين في غلالة⁣(⁣١)، قال له الحسن #: ما هذا بزي المحاربين؟ فقال: يا بني لا يبالي أبوك على الموت سقط، أم سقط عليه الموت»⁣(⁣٢).

  وعن حذيفة⁣(⁣٣) أنه كان يتمنى الموت، فلما احتضر قال: «حبيب جاء على فاقة، لا أفلح من ندم» يعني: على التمني. ونحوه عن معاذ⁣(⁣٤) لما نزل الطاعون


(١) الغلالة: هي الرقيق من اللباس.

(٢) ليس هنا تمني للموت فيؤخذ منه الحكم، وله # في نهج البلاغة كلام معروف. (ح / ص).

(٣) حذيفة هو: حذيفة بن اليمان، العبسي - بالموحدة من تحت - الأنصاري، حليفهم، أصله من اليمن، أسلم ¥ هو وأبوه، وهاجرا، وشهدا أحدا، وقتل والده بأيدي المسلمين غلطا، فصاح حذيفة: يا مسلمون أبي، فلما قتل، قال: غفر الله لكم، ووهبت دمه، وأسلمت أمه وهاجرت وكان أحد النجباء، وأحد الفقهاء أهل الفتوى، وصاحب رسول الله ÷ في المنافقين، والمختص بأخبار الفتن، وسئل علي # عنه، فقال: أسر إليه علم المنافقين، وله مقامات محمودة في الجهاد أعظمها ليلة الأحزاب، وخبره فيها مشهور، وافتتح مدنا، توفي ¦ سنة ٣٦ هـ عند خروج أمير المؤمنين علي # لحرب الجمل، وكان يحث على اللحاق، ويقول: الحقوا بأمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وكان وفاته بالمدائن.

(٤) معاذ بن جبل بن عمرو الأنصاري، الخزرجي، السلمي، المدني، كان من أعيان الصحابة، وأفرادهم، وإليه المنتهى في العلم والفتوى، والحفظ للقرآن، قال ابن مسعود: كنا نشبهه بإبراهيم {أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً}، أسلم وهو ابن ثماني عشرة، وشهد العقبة الأخيرة وبدرا، وما بعدها، وبعثه النبي ÷ إلى اليمن وأبا موسى يعلمان الناس، وقال له ÷: والله يا معاذ إني لأحبك، وقال ÷ (أعلمهم بالحلال =