تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم}

صفحة 125 - الجزء 4

  وقال أبو قلابة لرجل: لأن أراك تطلب معاشك أحبّ إليّ من أن أراك في زاوية المسجد.

  قال الغزالي: التكسب أفضل لقدر الكفاية له، ولعوله لا لطلب الزائد؛ لأن ذلك إقبال على الدنيا التي حبها رأس كل خطيئة، ولو كان يحصل رزقه بغير سؤال فالتكسب أفضل؛ لأنه إذا انقطع عن التكسب فهو سائل بلسان الحال، إلا لمن تقدم أنه مستثنى، وهذا مذهب جماهير العلماء.

  وقال قوم من المتصوفة: إن الكسب حرام، وهو خطأ وهو مخالف لأدلة العقل والسمع، لا يقال: إن ذلك يؤدي إلى معاونة الظلمة بأخذ الجبايات؛ لأنه لم يرد ذلك، ولو لزم هذا لزم أن لا تزرع أرض ولا يملك ماشية خوفا من الظلمة والسباع، وهذا خارج بالإجماع.

  لا يقال: قد اختلط الحلال بالحرام فلا يأمن أن يواقع الحرام؛ لأنه ما كلف إلا ما يطيق من البعد عمن في يده الحرام، والظاهر من أمواله ذلك، وهذا مسألة لها تعلق بعلم الفقه، وعلم الكلام.

  الثمرة الثانية: تعلق بقوله تعالى: {فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ}.

  أي: أنهم لا يرضون بمشاركة مماليكهم فيما ملكت أيمانهم، وفي هذا إشارة إلى أنه لا تجب المساواة بينهم وبين مماليكهم، لأنه تعالى ذكر ذلك عقيب خبره تعالى بالتفضيل في الرزق، وإن من عادة المالكين أنهم لا يرضون بالمشاركة، ولم يمنعهم من ذلك، ولكن المشاركة والمساواة مستحبة.

  قال جار الله |: ويحكى أنه لما سمع أبو ذر النبي ÷ يقول: «إنما هم إخوانكم فاكسوهم مما تلبسون، وأطعموهم مما تأكلون»