قوله تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله}
  ثم أبدله: {مَنْ كَفَرَ بِاللهِ} واستثنى منهم المكره فإنه لم يدخل في حكم المفتري.
  وقوله: {وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ}.
  أي: طاب به نفسا واعتقد(١) {فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ}.
  وقيل: في الآية تقديم وتأخير، والتقدير: من كفر بالله وشرح بالكفر صدره فعليه غضبه، ثم استثنى من أكره على الكفر بلسانه، وقدم لدلالة الحال.
  سبب النزول
  قال في الكشاف: روي أنه أن أناسا من أهل مكة فتنوا فارتدوا عن الإسلام بعد دخولهم فيه، وكان فيهم من أكره، فأجرى كلمة الكفر على لسانه وهو معتقد للإيمان.
  فمن المكرهين: عمار، وأبوه ياسر، وسمية، وصهيب، وبلال، وخباب، وسالم؛ عذبوا.
  فأما سمية: فقد ربطت بين بعيرين ووجي في قبلها بحربة، وقالوا: إنك أسلمت من أجل الرجال فقتلت، وقتل ياسر، وهما أول قتيلين في الإسلام.
  وأما عمار: فقد أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها،
  فقيل: يا رسول الله إن عمار كفر؟
  فقال: «كلا، إن عمار ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه، واختلط الإيمان بلحمه ودمه» وأتى عمار رسول الله ÷ وهو يبكي، فجعل رسول
(١) أما الاعتقاد فعلى رأي أبي هاشم ¦ تمت.