تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}

صفحة 209 - الجزء 4

  شعرا:

  لا تعد عيناك مسكينا تلاحظه ... فإنما هي أقسام وأرزاق

  وكن محبا له ترجو شفاعته ... فللمساكين يوم الحشر أسواق

  ومنها: الزجر عن الرغبة في رؤية الدنيا.

  ومنها: فضيلة الدائمين على دعاء الله تعالى.

  ومنها: الزجر عن طاعة أعداء الله، والميل إلى كلامهم، والقبول لخبرهم، وقد جعل القبول لأخبارهم وآرائهم ركونا إليهم، وقد قال تعالى في سورة هود: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}⁣[هود: ١١٣].

  ومنها: أنه لا يترك الشرع بنوع من الاستصلاح؛ لأنه تعالى قال: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ}⁣[الكهف: ٢٩] وقد شرط من جوّز العمل بالمصالح المرسلة أن لا تكون مصادمة للشرع، ومثّل ذلك: بما لو خطب للعيد قبل الصلاة ليتعظ الناس بالخطبة حيث عرف أنهم ينتظرون الصلاة، ولو صلى أولا نفروا وفات الاتعاظ.

  إن قيل ما حكم صلح الأئمة السلاطين الظلمة والتخلية لهم على ما هم عليه من المعاصي بشيء من المال، وهذا مصادم؟

  قلنا: إنما يجوز ذلك حيث عرف أن الهدنة له مصلحة لأمر آخر، وذلك بأن يكون حربهم سببا لمنكر أغلظ مما هم عليه لا إن لم تكن الهدنة لهم إلا لأخذ المال فيحمل فعل الأئمة على أن صلحهم لخشية منكر أعظم، وأخذ المال؛ جائز لأنه من أموال الله تعالى، وقد صالح ÷ أهل نجران بشيء من المال خشية أن ينتقلوا إلى دار الحرب.

  إن قيل: هذا يوصل إلى المباح بما صورته صورة المحظور، وهو تقريرهم على ما هم عليه فأشبه بيع رءوس الكفار من الكفار، وقد نص الأئمة على أنه لا يجوز، ورووا أن رجلا من المشركين يوم الخندق وقع