تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين}

صفحة 268 - الجزء 4

  على سليمان # فرجع إلى داود وقال: غير هذا أرفق، فقال: وما ذاك؟

  قال: ينتفع أهل الحرث بمنافع الغنم من درها وصوفها حتى يصلح فاستحسنه داود #.

  وفي هذا تنبيهات:

  الأول: هل كان فعلهما بوحي من الله تعالى، أو باجتهاد منهما؟

  فقال أبو علي: بل ذلك بوحي من الله سبحانه، لكن فعل داود منسوخ بفعل سليمان.

  وقيل: إن داود لم يحكم، ولكن هم بالحكم.

  قال أبو هاشم والقاضي: بل ذلك اجتهاد، وأن للنبي أن يجتهد، ويجوز أن يكون لمصلحة في الأخذ بالظن، وإن أمكن العلم كقبول خبر الثقة في أشياء ولهذا قال تعالى: {وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً}.

  وأما قوله تعالى: {فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ} فالمراد ففهم الأرفق والأوفق، وإن كان الاجتهادان حقا، وهذا يدل على أن في المسألة أشبه، كقول بعض الأصوليين وبعضهم ينفي الأشبه، وتفسيره هل في المسألة حكم لو نص الله على شيء في المسألة لنص عليه أم لا؟

  وقيل: فعل سليمان صلح والصلح خير، وفعل داود حكم ولم يكن قد حكم، وإنما قال: يكون الغنم لأرباب الحرث؛ لأن قيمتها تساوي قيمته.

  التنبيه الثاني: أن يقال: ما الوجه في قول كل واحد منهما؟

  وجوابه: أن داود # رأى أن تلف الحرث بفعل الغنم فسلمت إلى صاحب الحرث، ونظير هذا في شريعتنا قول أبي حنيفة في العبد إذا جنى على الغير فإنه يدفعه المولى بجنايته أو يفديه، كما هو مذهب الأئمة.