تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما}

صفحة 269 - الجزء 4

  وعند الشافعي: يبيعه في ذلك أو يفديه، ولعل قيمة الغنم كانت على قدر النقصان من الحرث.

  وأما وجه حكم سليمان # فإنه رأى أن منافع الغنم تجبر ما فات من الانتفاع بالزرع، وأوجب على صاحب الغنم القيام بالزرع حتى يصلح ليزول الضرر،

  وله نظير في شريعتنا وهو ما قاله الهادي، والشافعي، فيمن غصب عبدا وأبق من يده فإنه يسلم قيمته إلى صاحبه ينتفع بها حتى يرجع العبد وترد.

  التنبيه الثالث: أن يقال: لو اتفقت هذه القصة ما حكمها في شريعتنا؟ فقيل: إن هذا ثابت وباق وهذا مروي عن الحسن.

  وقال الأكثر من العلماء والمفسرين: إن شريعتنا خلاف هذا، وإن ذلك منسوخ.

  فأما في شريعتنا فعند أبي حنيفة جناية الحيوان لا تضمن لا ليلا ولا نهارا، إلا أن يكون معه صاحبه، قبل، أو يجيء من فوره لقوله ÷: «العجماء جبار».

  وأما مذهب الأئمة، والشافعي: فجناية الحيوان في الليل مضمونة على صاحبه، لكن الضمان بالقيمة لا بالغنم ولا بمنافعها فهذا منسوخ.

  وإن قلنا: إن الذي فهم سليمان هو الصلح وطلب رضاء الخصمين، وإن داود # فعله الحكم، لكن سلم الغنم عوضا عن قيمة الحرث، وكانت مساوية للقيمة، فهذا ثابت في شرعنا.

  قال الحاكم في السفينة: وكذلك حكما في حديث المرأتين وهو ما رواه أبو هريرة عن النبي ÷ قال: «بينما امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما فقالت إحداهما لصاحبتها: إنما ذهب بابنك، وقالت