وقوله تعالى: {كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون}
  لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ} ومن قال يأكل ثلثا تمسك بقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} وأهل الظاهر أوجبوا أن يجزئها أثلاثا للحديث.
  وأما إذا حملت الآية على أنه تعالى أراد إهداء الحج فالأمر للاستحباب، وذلك في دم الإفراد، وأما دم التمتع والقران فذلك واجب.
  والأمر بالضحايا أمر ندب عندنا، والشافعي لقوله ÷: «أمرت أن أضحي ولم تؤمروا» ونحو ذلك، ويجوز أن يأكل عندنا من هدي القران والتمتع والإفراد لعموم الآية، ولأنه # أمر عليا # يقطع من كل بدنة قطعة ويطبخها، فأكل من اللحم وتحسى من المرق.
  وقال الشافعي: لا يأكل من دم القران والتمتع؛ لأنه واجب.
  وعن الشيخ عطية: لا يأكل من دم التمتع؛ لأنه جبر فأشبه الفداء.
  وقال دواد: ودم القران غير واجب.
  الرابع: تعلق بقوله تعالى: {لَكُمْ فِيها خَيْرٌ}.
  وقد فسر الخير بالثواب، وبالصوف، واللبن، والركوب، فأهل المذهب قالوا بعد مصيرها هديا أو أضحية: لا ينتفع بشيء إلا الركوب إن أحوج إليه، لقوله ÷: «اركبها بالمعروف إن أحوجت إليها» وقيس اللبن على الركوب، والناصر، والشافعي جواز له اللبن إن لم يضر بالولد، وكذا الصوف، لهذه الآية، ولقوله تعالى: {لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى}[الحج: ٣٣].
  وأما الولد: فهو تابع للأم في الهدي وفاقا، وفي الضحية خلافا لمالك، ولا يحمل عليها متاع ولا يركب غيره، إلا أن يرى رجلا فدحة المشي أو تنتج فيحمل عليها ولدها، وهذا قول أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي، وفي قوله الثاني يجوز، وبعد الذبح لا يجوز بيع لحمها وفاقا.