قوله تعالى: {وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم}
  برهان عليه، قال الحاكم: واختلفوا هل على النافي(١) دليل أم لا؟ فعندنا عليه الدليل ومنهم من قال: لا دليل عليه.
  قوله تعالى: {وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ}[البقرة ١١٣]
  هذه الآية الكريمة نزلت لما قدم وفد نجران على رسول الله ÷، فتناظرواهم وأحبار اليهود حتى ارتفعت أصواتهم، وقالت اليهود: ما أنتم على شيء، وكفروا بعيسى # والإنجيل.
  وقالت النصارى لهم: نحوه، وكفروا بموسى #، والتوراة.
  وقد دلت الآية:
  على أن الكفر ملل مختلفة؛ لأن كلا منهم قد كفر الآخر، وهذا دليل الاختلاف، كما اختلفت ملة الإسلام وملة الكفر، وقد ذهب إلى هذا القاسم(٢)، والهادي، والناصر $، وأحد قولي الشافعي، وقال
(١) في (ح / ص). (لفظ الفصول «فصل» أئمتنا $ والجمهور ويجب الدليل على النافي لحكم عقل أو شرع غير ضروري، كمثبتهما، بعض الأصوليين: لا يجب فيهما، وقيل: يجب على نافي العقل دون الشرع، وإنما يستدل عليه باستصحاب الحال مع انتفاء الأدلة الشرعية المغيرة للنفي الأصلي، أو بقياس من الدلالة.
(٢) القاسم: هو الإمام القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الهاشمي، الحسني، أبو محمد، ترجمان الدين، ونجم آل الرسول، والمبرز على أقرانه في الفروع والأصول، والمسموع والمعقول، ولد # سنة ١٧٠ هـ بعد قتل الحسين الفخي بأشهر، روى عن أبيه، وأبي بكر، واسماعيل أخي ابن أبي أويس، وأبي سهل المقري، وآخرين، وعنه أولاده النجباء، محمد، والحسن، والحسين، وسليمان، وداود وغيرهم، وروى عنه محمد بن منصور، وجعفر النيروسي، وغيرهم، قال فيه بعض واصفيه: -