قوله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين}
  محرم محظور لما فيه من التشبه بالفسقة، وحصول التهمة، والتسبب لسوء القالة والغيبة، وأنواع المفاسد، ومجالسة الخطائين فيها تعرض لاقتراف الآثام، فكيف بمزاوجة الزواني، وقد نبه الله على ذلك بقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ}.
  قال الزمخشري: وحمله على الوطء لا يصح لوجهين:
  أحدهما: أن هذه اللفظة في القرآن لم ترد إلا للعقد.
  والثاني: أنه يؤدي إلى فساد المعنى، إذ يصير المعنى الزاني لا يزني إلا بزانية، والزانية لا يزني بها إلا زان، لعله يعني وقد يطأ الزاني غير زانية وهي زوجته وأمته، والزانية قد يطأها زوجها.
  قال جار الله: والجملة الأولى: صفة الزاني أنه لا يرغب إلا إلى مثله دون العفائف.
  والثانية: صفة الزانية لكونها غير مرغوب فيها للأعفاف؛ ولكن للزناة. وقدمت الزانية في الأولى لبيان العقوبة؛ لأنها السبب في سبب العقوبة، ولأنها مطمعة في الزنى بما يحصل من إيماضها(١) وتمكينها.
  وقدم الزاني هنا؛ لأنها مسبوقة بذكر النكاح، والرجل أصل فيه؛ لأنه الطالب والراغب، والقراءة الظاهرة لا ينكح - بالرفع - وفيه معنى النهي؛ لأنه تعالى أخبر أن عادتهم جارية بذلك، وعلى المؤمن أن لا يدخل نفسه تحت هذه العادات. وقراءة عمر بن عبيد: لا ينكح بالجزم؛ - على النهي -.
  والقراءة الظاهرة: وحرّم ذلك - بضم الحاء - وقرئ حرم - بفتح الحاء -. فظهرت من جملة ما ذكرنا مسائل:
(١) مشارفة النظر تمت.