قوله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين}
  وادعى أبو علي الإجماع على نسخ ذلك، وقال بعضهم: نسخت بالإجماع؛ لكن الإجماع لا ينسخ عند الأكثر.
  وقيل: أريد بهذا أن من زنى بامرأة حرم عليه نكاحها، وأن هذا الحكم باق، ويكون المعنى الزاني بامرأة لا ينكحها إلا زان، وهذا مروي عن عائشة، وابن مسعود، وروي مثله أيضا عن علي # وأبي بكر والحسن.
  وذهب قتادة، وأحمد: إلى أنهما إذا تابا جاز التناكح بينهما، وهذا ظاهر كلام الهادي.
  والذي حصلوه للمذهب أن العقد يصح تابا أم لا، لكن مع عدم التوبة يحرم العقد مع انعقاده؛ لأنها لا تحصن ماءه.
  والقاسم، والهادي، وبعض أهل التفسير: يحملون النكاح المذكور على الوطء زنى، والفائدة إخراجها من تسمية الإيمان، كما قال ÷: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن»: وهذا - التأويل - مروي عن ابن عباس، وسعيد بن جبير.
  وقيل: إن الله تعالى بين حالهم وما عادتهم الرغبة فيه فقال: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً} أي: الفاسق الخبيث الذي من شأنه الزنى، لا يرغب في نكاح الصوالح من النساء، وإنما يرغب في فاسقة مثله، أو مشركة، والفاسقة الخبيثة الزانية، كذلك لا يرغب في نكاحها الصلحاء، بل ينفرون عنها، وإنما يرغب فيها الفسقة أو المشركون، ونكاح المؤمن الممدوح عند الله تعالى لا ينخرط(١) في مسلك الفسقة المتّسمين بالزنى، بل ذلك
(١) عبارة الكشاف (ونكاح المؤمن الممدوح عند الله الزانية ورغبته فيها وانخراطه بذلك في سلك الفسقة المتسمين بالزنى محرم عليه محظور لما فيه من التشبه بالفساق) ج ٢ ص ٢/ ٢١.