تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم}

صفحة 389 - الجزء 4

  أبو حنيفة، والشافعي وهو المختار -: يقع ثلاثا كأنه قال: ثلاثا إلّا ثلاثا؛ لأن الواو للعطف، وهذا فيه طرف من المناقضة لما ذكر في الفرع الثاني.

  وقال أبو يوسف، ومحمد: يبطل العطف؛ لأن ثبوته يستغرق فتقع طلقة.

  وفي تعليل الأصوليين ما يقضي بأنه يعمل بالقصد والقرائن في رجوع الاستثناء إلى جميع ما تقدم أو إلى بعضه.

  ويلزم أيضا أن يعتبر عرف المتكلم، فإن خلا عن هذه الأمور رجع إلى ما يقتضيه وضع اللغة، فإن لم يحصل دليل عمل بالمتيقن.

  أما لو كان القاذف كافرا وتاب قبلت شهادته إجماعا ذكره في الكشاف.

  قال جار الله: إنما كان كذلك؛ لأن المسلمين لا يعبئون بسب الكفار لأجل عداوتهم، وطعنهم بالباطل، فشدد في قذف المسلم لئلا يلحق المقذوف الشين الذي لا يلحق من قذف الكافر.

  فإن قلت: فما معنى الأبدية إن قلتم تقبل الشهادة بالتوبة؟

  قال جار الله: تصرف الأبدية إلى مدة كونه قاذفا، وتلك المدة تنتهي بالتوبة.

  وأما قبول الشهادة من المحدود التائب في غير حد القذف فذلك إجماع، إلا عن الأوزاعي فقال: لا تقبل شهادة محدود في الإسلام.

  الحكم الرابع: في بيان التوبة التي تقبل معها الشهادة، فقال القاسم: أن يكذب نفسه إذا كان كاذبا، وقد أطلق الشافعي أن توبته أن يكذب نفسه، فقال الإصطخري يقول: كذبت فيما قلت، ولا أعود إلى مثله، لقوله ÷: «توبة القاذف إكذابه نفسه».