قوله تعالى: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ولو لا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم}
  واللعان اسم اصطلاحي يطلق على الشهادات الواقعة بين الزوجين عند النهي، مشتق من ذكر اللعنة التي في كلام الزوج، أو من اللعن الذي هو الطرد والإبعاد، لما كان الكاذب منهما يبعد من رحمة الله تعالى.
  قال الحاكم: ذكر مشايخنا أن هذه الآية ناسخة - يعني لبعض ما اقتضته آية القذف من الحد -؛ لأن الحد كان موجب القذف، فبطل الحد في قذف الزوج لزوجته، وذلك لأن أبا حنيفة يقول: موجب القذف اللعان، فإذا امتنع الزوج حبس.
  وأهل المذهب والشافعي يقولون: موجب القذف الحد، فإذا امتنع الزوج من اللعان حد، وهو الذي يقتضيه سياق آية القذف؛ لأنه تعالى جعل حد القاذف ثمانين إن لم يأت بأربعة شهداء، وأقام شهادات الزوج في قذف زوجته في مقابلة الشهادة في قذف الأجنبية.
  ولو قيل: آية اللعان مخصصة لآية القذف، في قبول شهادته أمكن أو في سقوط حد قاذف زوجته كما قالته الحنفية.
  ولهذه الآية ثمرات، ولسبب نزولها وما فعله رسول الله ÷ بين المتلاعنين ثمرات.
  أما ما يقتطف من الآية فأحكام:
  الأول: أن هذه الشهادات التي هي اللعان إنما تكون إذا كان الزوج يحد بالقذف بأن يكون بالغا عاقلا، وتكون امرأته ممن يحد قاذفها، وذلك بأن تكون بالغة، عاقلة، حرة، مسلمة، عفيفة في الظاهر، وإن لا تكون رتقاء، ولا عذراء، وأن يكون الذي أضاف زنى المرأة إليه يتأتى منه الوطء فلا يكون صغيرا لا يتأتى منه الوطء ولا مجبوبا، وأن يرميها بما يوجب على القاذف الحد من وطء في قبلها أو دبرها، خلافا لأبي حنيفة في الرمي في الدبر، من آدمي لا حيوان غير آدمي، ولا من لبسة.