قوله تعالى: {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم}
  ويدل قوله تعالى: {ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ} على أنه يمنع جميع الكفار من جميع المساجد.
  وهذا هو مذهب الهادي، والناصر، ومالك؛ لأن المعنى: ما كان الحق والواجب إلا ذلك لو لا ظلمهم، والمعنى: النهي، كقوله تعالى: {وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ}[الأحزاب: ٥٣] وقال المؤيد بالله، وأبو حنيفة بجواز دخولهم، وعدم المنع لهم؛ لأنه ÷» ربط مشركا في المسجد(١)، وكان أبو سفيان يدخل المسجد، وهو كافر، وأنزل ÷ وفد ثقيف في المسجد.
  وأجيب بأن هذا حكاية فعل، فلعل ذلك كان للضرورة، أو قبل نزول الآية، وقال الشافعي: يمنعون من المسجد الحرام، ومن الحرم دون غيره، إلا أن يعاهدوا على المنع(٢)، لقوله تعالى في سورة براءة: {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا}[التوبة ٢٨].
  وقيل: المعنى: أن الله تعالى قد كتب في اللوح المحفوظ أنه ينصر المسلمين، ويقويهم فلا يدخلونها إلا خائفين.
  وروي أنه لا يدخل بيت المقدس نصراني إلا متنكرا، وعن قتادة: لا يوجد نصراني في بيت المقدس إلا أنهك ضربا، وأبلغ في إليه العقوبة.
  ويدل قوله تعالى: {لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ} على أخذ الجزية؛ لأنه قد فسر بذلك، وقيل: الخزي: القتل والسبي، وقيل: تفتح مدائنهم(٣).
  فروع
  الأول: إذا بني مسجد في بلد فخرب البلد، وانتقل أهله حتى خلا
(١) هو ثمامة بن أثال.
(٢) من غيره منعوا منه (ح / ص).
(٣) قال الزمخشري: هي قسطنطينية، ورومية، وعمورية. (كشاف).