تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم}

صفحة 201 - الجزء 1

  المسجد عن الصلاة، فإنه لا يعود ملكا، ولا يجوز بيعه عند أكثر العلماء، لأن الموضع يصلح للصلاة، وقال الناصر: يعود ملكا، وقال سفيان الثوري: إذا خرب المسجد والبلد، فإن المسجد يباع، ويبنى بثمنه مسجد آخر في محلة عامرة، وقد يحكى عن القاسم، والوافي نقله⁣(⁣١).

  وحجتهم أن بيت المال لما سرق نقلت الصحابة المسجد إلى قربه ليحتفظ، وهذه الرواية ذكرها في التقرير عن الطبري⁣(⁣٢).

  والاستدلال بالآية محتمل للمنع؛ لأنه يجوّز الصلاة في المستقبل، فلو جوّزنا البيع كان ذلك منعا للذكر والصلاة في الاستقبال.

  الفرع الثاني: إذا خرب البلد فلم يؤمن على أبواب المسجد، وحصره، ونحو ذلك، فقال المنصور بالله: لا يجب على المتولي رفعه⁣(⁣٣)، ولو أخذه الفاسقون، ولو تركت الطاعة لأجل المعاصي ما أطيع الله في أكثر الأحوال.

  وقال الإمام يحي بن حمزة #(⁣٤): تؤخذ أبوابه وأخشابه لمسجد آخر، وإن بيعت وصرف ثمنها في المصالح جاز؛ لأن بقاء الأبواب والأخشاب تتلف بالشمس والريح، وقد نهى ÷ عن إضاعة المال.


(١) وقواه في البحر، وهو قوي.

(٢) محمد بن جرير أبو جعفر الطبري، العلامة المحدث، المفسر، أجمعوا أن تفسيره أحسن التفاسير، وهو مسند في مجلدات، وله في خبر الغدير مؤلف مشهور، وله غير ذلك، كان في مشائخ الحديث المرجوع إليهم في تصحيح الأحاديث، وله التاريخ المشهور، قال ابن خزيمة: ما أعلم على وجه الأرض أعلم منه، توفي سنة ٣٠٩ هـ.

(٣) مع تعذر حفظه، وأما مع الإمكان للحفظ فهو الواجب، ولا يخالف المنصور بالله في ذلك.

(٤) وهو قوي، والعمل عليه. (ح / ص).