تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون}

صفحة 421 - الجزء 4

  كان الدخول على زوجته أو أمته التي يحل له نظر عورتها لم يجب، ولكن يستحب؛ لأنها تكره أن يطلع عليها على بعض الحالات، وليس ذلك من حسن المعاشرة، وهذا حيث يكون عادة المدخول عليه، ترك التستر أو تختلف العادة، فإن كانت العادة أنهن يتسترن لم يجب الاستئذان، وكذا إذا عرف الداخل أن مع المدخول عليه مثله فلا يجب الاستئذان لأجل العورة، لكن يتبع العرف في الدخول بالإذن وعدمه، فدور القضاة والولاة ونحوها ممن يجتمع عندهم الناس لا يستأذن، وفي غير ذلك يستأذن.

  قال جار الله |: والدخول العارض من حريق دار، أو هجوم سارق، أو ظهور منكر يجب إنكاره مستثنى بالدليل، وإنما يكون الاستئذان حيث لم يدع الداخل، فإن دعي للدخول ففي ذلك معنى الاستئذان، وهذه آية عامة في الأوقات والأشخاص.

  قال العلماء ¤: وقد خص العبيد والصبيان بالدخول في غير الأوقات الثلاثة التي ذكرها الله في هذه السورة: {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ} فخرج الصبيان والمماليك؛ لأن العادة لما كانت جارية بتكرر دخولهم خصوا لئلا يشق، وأخرجت الأوقات الثلاثة عن التخصيص؛ لأن الصحابة كانوا يصلون إلى أهليهم فيها.

  قال الشيخ أبو جعفر: ويجب الاستئذان على النساء الذميات؛ لأن العلة للوجوب حاصلة، فأما ما روي عن علي # أنه لا حرمة للنساء الذميات، فالمراد لا يؤمرن بالتستر، ولكن يجب غض البصر عنهن، وكان أهل الجاهلية إذا دخل الرجل بيتا غير بيته يقول: حييتم صباحا وحييتم مساء ثم يدخل، وربما أصاب الرجل مع امرأته في لحاف واحد، فصد الله عن ذلك، وعلم الأحسن الأجمل.