تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون}

صفحة 422 - الجزء 4

  قال جار الله: وكم من باب من أبواب الدين عند الناس كالشريعة المنسوخة قد ترك العمل بها، وباب الاستئذان من ذلك، ثم إن الاستئذان على ضربين صريح وكناية، فالصريح هو أن يقول الداخل: أندخل عليكم، والكناية أن يكون بالتسبيح والتكبير، والتحميد والسّلام، والتنحنح وقرع الباب.

  وعن أبي أيوب الأنصاري قلنا: يا رسول الله ما الاستئناس؟ قال: «يتكلم الرجل بالتسبيحة والتكبيرة، والتحميدة والتنحنح، يؤذن أهل البيت».

  الحكم الثاني: يتعلق بقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ}.

  قال جار الله: يحتمل فإن لم تجدوا فيها أحدا من الآدميين فلا تدخلوها إلا بإذن أهلها؛ لأن الاستئذان لأحد أمرين:

  الأول: ما تقدم وهو خشية وقوع البصر على العورة.

  والثاني: لئلا يقف على الأحوال التي يطويها الناس في العادة عن غيرهم، ولأن ذلك تصرف في ملك الغير بغير إذن فنهى لئلا يكون الداخل بغير إذن كالغاصب.

  الحكم الثالث: يتعلق بقوله تعالى: {وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا}.

  واعلم أنه قد تضمن ذلك أنه لا يدخل مع عدم الإذن، وأنه يرجع إن أمر بالرجوع، والاستئذان ثلاث مرات على ما روي في الحديث، فإن أذن له وإلا رجع، وفي حديث أبي أيوب قلنا: يا رسول الله ما الاستئناس؟ قال: «يتكلم الرجل بالتسبيحة والتكبيرة والتحميدة، ويتنحنح، يؤذن أهل البيت» والتسليم أن يقول: السّلام عليكم، أأدخل ثلاث مرات؟ فإن أذن له وإلّا رجع.