تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم}

صفحة 426 - الجزء 4

  النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}⁣[النور: ٣٠ - ٣١]

  اعلم أنا نتكلم على ما تقتضيه دلالة اللفظ في هذه الجملة، وبيان المخرج من [مقتضى] دلالة اللفظ.

قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ}

  إنما خص المؤمنين؛ لأنهم الذين ينتفعون بالإرشاد والأمر، وإن كان الخطاب بالواجبات عاما خلاف أبي حنيفة في الواجبات الشرعية.

  وقيل: إنما خص المؤمنين؛ لأنه تعالى أراد تزكية المؤمنين وتطهيرهم، فلذلك خصهم.

  وقوله تعالى: {يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ} الغض الكف.

  وقوله تعالى: {مِنْ أَبْصارِهِمْ} قيل: إن من زائدة وقيل: للتبعيض:

  عن أبي مسلم؛ لأن بعض النظر جائز إجماعا.

  وقيل: هي لابتداء الغاية، والأخفش يجوز أن تكون مزيدة في الاثبات، وسيبويه يمنعه، فإن جعلتها للتبعيض كانت الدلالة مجملة؛ لأن الممنوع البعض، ولم يبيّن، وإن جعلتها زائدة أو للابتداء فهي واردة على العموم، وهو يخرج من ذلك أمور مجمع عليها نحو النظر إلى الزوجات والإماء لشهوة وغير شهوة، ومثل النظر إلى الرجال لغير شهوة، وكذلك المحارم خلا العورة منهن، ومن الرجال، فيكون المراد يغضوا من النظر إلى ما يحرم، والاقتصار على ما يحل، لكن ما يكون الأصل هل التحليل، وما حرم فبدليل وعكسه، وهذا يبتني على أصل وهو أن العقل يقضي بإباحة ما يستلذ به، ولا مضرة فيه على الغير، والشرع ناقل.

  وقد ورد بوجوب النظر في حال، وتحريمه في حال، وكراهته في حال، وندبه، وإباحته.