قوله تعالى: {وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده}
  وهذه اثنتا عشرة خلة محمودة:
  أحدها: أنهم يمشون على الأرض هونا، والمعنى: أنهم يمشون متواضعين غير متكبرين، بل يمشون بالسكينة والوقار، فلا يضربون بأقدامهم، ولا يخفقون بنعالهم، أشرا وبطرا، ولذلك كره بعض العلماء الركوب في الأسواق، وقد قال تعالى: {وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ} وفي الحديث: «المؤمنون هينون لينون»(١): وهذا مروي عن مجاهد، وابن عباس.
  وقيل: حلماء علماء إن جهل عليهم لا يجهلون.
  وقيل: أصحاب عفة ووقار: عن محمد بن الحنفية.
  الخلة الثانية: {وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً}.
  قيل: المراد قالوا: سدادا من القول يسلمون فيه من الإيذاء والإثم: وهذا يحكى عن مجاهد.
  وقال الحسن: سلام توديع لا سلام تحية.
  وقيل: معناه نتسلم منكم تسليما.
  وقيل: يأتي بهذه اللفظة(٢).
  وعن أبي علي: ادعوا الله لهم بالسلامة من أذاهم، واطلبوا السلامة من مشاركتهم. لكن اختلفوا:
  فقال أبو العالية والكلبي: هذه منسوخة بآية القتال، والأظهر من كلام المفسرين بقاؤها.
  قال جار الله: لا حاجة إلى النسخ؛ لأن الإغضاء عن السفهاء وترك المقابلة مستحسن في الأدب والمروءة والشرع، وأسلم للعرض والورع.
(١) بالتخفيف فيهما تمت.
(٢) أي يقول (سلاما) تمت.