تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا}

صفحة 511 - الجزء 4

  قيل: أراد بهؤلاء الشعراء من كان يهجو رسول الله كشعراء قريش وهم عبد الله بن الزبعرى، وهبيرة بن أبي وهب المخزومي، ومسافع بن عبد مناف، وأبو عزة الجمحي، ومن ثقيف أمية بن أبي الصلت، كانوا يهجونه، ويجتمع إليهم الأعراب من قومهم.

  وكذا من شعر بالهجاء، وتمزيق الأعراض، والقدح في الأنساب، والتشبيب بالحرم والغزل، ومدح من لا يستحق المدح.

  وقوله: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ}

  هذا استثناء للمؤمنين الصالحين الذين يكثرون ذكر الله، وتلاوة القرآن، وكان ذلك أغلب عليهم من الشعر، وإن قالوا شعرا فهو في توحيد الله تعالى، والثناء عليه، والحكمة، والموعظة، والزهد، والآداب الحسنة، ومدح رسول الله ÷، والصحابة، وصلحاء الأمة، وإن صدر منهم هجو فعلى سبيل الانتصار لسبيل الله ÷ ولهم ممن يهجوهم.

  وقيل: أراد بالمستثنيين: عبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت، والكعبين، كعب بن مالك، وكعب بن زهير؛ لأنهم كانوا ينافحون⁣(⁣١) عن رسول الله ÷ هجاء قريش.

  وروي أنه ÷ قال لكعب بن مالك: «اهجهم، فو الذي نفسي بيده لهو أشد عليهم من النبل» وقال لحسان: «قل وروح القدس معك».

  ثمرة ذلك:

  أن الشعر ينقسم: إلى محظور، ومكروه، وواجب، ومندوب، ومباح، كما ينقسم الكلام.

  وقد روي عنه ÷ فيما روته عائشة ^ قالت: سئل


(١) أي يكافحون تمت.