تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {إني لما أنزلت إلي من خير فقير}

صفحة 529 - الجزء 4

  وفي القصة أنه لما وصل إلى شعيب ووضع الطعام بين يديه قال: أصب يا فتى فقال: ألم تعلم أنا لا نبيع ديننا بدنيانا، وروي لا نبيع ديننا بطلاع الأرض ذهبا، ولا نأخذ على المعروف ثمنا، فقال شعيب: هذه عاداتنا إلى كل وارد مؤمن وكافر، وكان موسى ÷ لم يذق طعاما سبعة أيام، وقد لصق بطنه بظهره، وعرض بالدعاء بقوله: {لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}⁣[القصص: ٢٤].

  وثمرة ذلك:

  جواز العمل بخبر المرأة وجواز المشي معها مع التحرز، وأنه لا ينبغي أن يؤخذ على الطاعة عوض، وهذا نظير قوله تعالى في سورة الليل: {وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى}⁣[الليل: ١٩، ٢٠] وهذا يفصل فيه: فإن قصد بفعل الطاعة العوض لم تكن طاعة ولم يجز العوض؛ حيث تكون عبادة، وإن لم يقصد ذلك فأخذ الجزاء على ذلك جائز، وقد قال تعالى: {هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ}⁣[الرحمن: ٦٠] وترك الأخذ تحرج وتشدد.

  ومن هذا لو علّم لوجه الله تعالى قرآنا أو شيئا من سائر العلوم، ثم أضاف التلميذ شيخه، أو أحسن إليه جاز الأخذ، والأفضل الترك، فإن كان الإحسان لمحله من الفضل جاز ذلك ولا حرج على أحد، وقد كان أصحاب رسول الله ÷ يحضرون رسول الله ÷ دعواتهم، ويتبركون بحضوره موائدهم، وهو معلم الخير.

  قوله تعالى: {قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي