تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء}

صفحة 70 - الجزء 5

  حقيقة في العقد، أو في الوطء، أو مشترك، فقال عامة الأئمة: إنه حقيقة في العقد؛ لورود آيات من كتاب الله بذلك، والواجب عند الإطلاق حمل اللفظ على حقيقته فهذه آية.

  وقوله تعالى في سورة النساء: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَ}⁣[النساء: ٢٥] والإذن لا يعتبر في الوطء.

  وقوله تعالى: {فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ}⁣[النساء: ٣] وقد ورد في اللغة نحو قول الأعشى:

  ولا تقرين من جارة إن سرها ... عليك حرام فانكحن أو تأبدا

  قالوا: وحيث يراد به الوطء فهو محمول على المجاز، نحو قوله ÷: «لعن الله ناكح اليد وناكح البهيمة» وقول الفرزدق:

  التاركين على طهر نسائهم ... والناكحين بشطي دجلة البقرا

  وقال الحنفية: بل حقيقة في الوطء، ولكن ما ورد في القرآن فالمراد به العقد، حملا على المجاز؛ لأنه طريق إلى الوطء، وسبب له، ونظيره تسميتهم للخمر بالإثم لما كان يؤدي إلى الإثم. قال الشاعر:

  شربت الإثم حتى زال عقلي ... كذاك الإثم يذهب بالعقول

  وقول الراجز:

  كأنما الوابل في مصابه ... أسنمة الإيال في سحابه

  سمى الماء أسنمة، لما كانت سببا في ارتفاع الأسنمة.

  وقال الإمام يحيى بن حمزة: اللفظة مشتركة لورودها بالأمرين.

  قالت الحنفية: ما ورد في القرآن أراد به المجاز وهو العقد؛ لأنه لو أراد الوطء لكنّى عنه بالمساس والملامسة، أو القربان، أو الغشيان؛ لأن ذلك من آداب القرآن.