وقوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء}
  عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً}[الأحزاب: ٥٠]
  اعلم أن لهذه النكتة ثمرات نحن نذكرها على حسب ترتيب اللفظ وبيان المعنى.
  الأول: إباحة من ذكره الله تعالى في الآية لنبيه ÷، والحكم الوارد فيه يتعدى إلى غيره إلا ما دل دليل على أنه مختص به، وذلك نحو الزيادة على الأربع، لكن قد قيل في الآية قيود:
  الأول: قوله: {اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَ}، وهذا فيه سؤال وهو أن يقال: لم قيد بهذا القيد وهنّ حلال سواء آتى أجورهن أو لم يؤت؛ لأن النكاح يصح من غير إيتاء، والإيتاء هو التسليم أو التسمية، ذكر هذا الزمخشري والحاكم، وأجاب الزمخشري بأن التقييد بإيتاء الأجر اختيار للأفضل لنبيه ÷، وهو أن يكون المهر مسمى، فلو تركت التسمية فهي حلال أيضا وإن كره، وقد دل على أن التسمية لا تجب قوله تعالى في سورة البقرة: {ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً}[البقرة: ٢٣٦] وهذا قول جملة العلماء.
  وعند زيد بن علي أن النكاح يفسد بعدم التسمية، وبفسادها ويروى عنه أنه يفسد بفسادها لا بتركها، وقد يروى عن مالك أن التسمية شرط والمذكور عنه في النهاية وفي الشرح أنه لا يفسد.
  قال جار الله: وتأجيل المهر أفضل وكان ذلك دين السلف وسننهم الذي لا يعرف بينهم خلاف ذلك، وفي قراءة ابن مسعود: (واللاتي) بالواو عطف على الزوجات.
  القيد الثاني: قوله تعالى: {وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ}.
  قال جار الله: وإنما قيد الملك بالفيء لأن السبية من دار الحرب