تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء}

صفحة 79 - الجزء 5

  أجل مما يشترى من سوق الجلب وأطيب، فكان يسمى ما سبي من دار الحرب سبي طيبة، وما سبي ممن له ذمة سبى خبيثة، ويدل قوله تعالى: {مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ} على حل ما سبي من دار الحرب؛ لأن فيء الله لا يكون إلا طيبا، كما أن رزقه لا يكون إلا حلالا، وإنما تحل المسبية بعد الاستبراء لما ورد في سبايا أوطاس أن لا توطأ حامل حتى تضع، ولا حابل حتى تستبرئ بحيضة، والشهر في الآيسة لصغر أو كبر، قد أقيم مقام الحيضة، ولو سباها حائضا لم تعتد بتلك الحيضة عندنا، والحنفية؛ لأن ذلك بعض حيضة فلا تعتد به، كما لا تعتد ببعض الحيضة في العدة.

  وعن الناصر: تعتد في الاستبراء وقد ألحقوا ما يملك بغير السبي كالسبي في حكم الاستبراء.

  وأما الاستمتاع في مدة الاستبراء فقال أبو العباس، وأبو طالب يجوز في الآيسة لصغر أو كبر؛ لأن الحمل منتف وهو إنما منع لتجويزه، ولأن المنع لحق الله تعالى، فأشبه ذلك الحائضة، وعموم الآية جوازه، ولكن خرجت الحامل بالإجماع.

  وقال المؤيد بالله: والفقهاء لا يجوز الاستمتاع في مدة الاستبراء كالمعتدة، يعني: من الطلاق البائن.

  وعن ابن عمر، والحسن: يجوز للمشتري تقبيلها قبل الاستبراء، ولو أعتقها حال الاستبراء جاز زواجتها عندنا وأبي حنيفة، لكن لا يطأ عندنا حتى يتم الاستبراء لعموم الخبر، وجوزه أبو حنيفة ومنع الشافعي العقد.

  القيد الثالث: قوله تعالى: {اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ} يفهم من التقييد بالهجرة أن من لم تهاجر معه ÷ لا تحل، وقد ذكر في ذلك وجهان:

  الأول: أن الآية مسوقة لذكر الأفضل لا لبيان المحرم فيكون هذا حثا على الهجرة.