قوله تعالى: {وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين رب هب لي من الصالحين فبشرناه بغلام حليم}
  أما ما يتعلق بالأصول فيقال: بما ذا أمر الله تعالى إبراهيم # أهل بالذبح أو بمقدماته؟ أولم يؤمر بشيء؟ ولكن رأى في المنام أنه يذبحه ولم يكن أمرا.
  قلنا: في ذلك خلاف فالذي ذكره الزمخشري، وأبو الحسين، وكثير من المفسرين أنه أمر بالمقدمات، وأنه امتثل، وذلك بإضجاعه وإجراء السكين على حلقه، وقد امتثل إبراهيم # ولكن الله تعالى جعل صفيحة من حديد بين أوراده وبين السكين، أو انقلب حد السكين على حلقه، وأن الفداء إنما كان من وقوع حقيقة الذبح في نفس إبراهيم؛ لأنه إذا أمر بما ذكر من المقدمات حصل الظن بأنه يؤمر بالذبح والعادة في منامات الأنبياء الوقوع.
  وقيل: بل أمر بالذبح وأنه امتثل، ولكن كان كلما قطع شيئا وصله الله من حينه فلا يكون من نسخ الشيء قبل وقته؛ لأنه لا يجوز على قول الأكثر لئلا يكون بدأ، وذلك لا يجوز على الله تعالى.
  وقيل: رؤياه أنه يذبح لا أنه أمر بالذبح، وقول ولده: {يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ} يعني: في المستقبل، لا أنه قد أمر، وقد كثر الحوض في هذه المسالة، وفي تأويل الآية، فلما قالت المعتزلة وبعض الشافعية وأصحاب أبي حنيفة، واختاره الإمام الناطق والإمام المنصور، وبنى عليه الشيخ الحسن: إنه لا يصح نسخ الحكم قبل تقضي وقته؛ لأنه إذا أمره بأن يصلي وقت العصر ثم نهاه في أول اليوم، فقد توارد أمر ونهي على شيء واحد، فيكون حسنا قبيحا، وذلك لا يصح في الحكمة، والبداء لا يجوز على الله، والأمر المشروط بشرط ممن يعلم العواقب، لا يصح(١).
  احتاجوا إلى تأويل هذه الآية؛ بأنه لا نسخ فيها، ومن جوز وهم
(١) هذا جواب قوله: قلنا: لما قالت المعتزلة.