وقوله تعالى: {وخر راكعا وأناب}
  وقيل: يجوز أن يريد وخر للسجود راكعا أي مصليا؛ لأن الركوع يعبر به عن الصلاة.
  قال في الكشاف: وروي أنه بقي ساجدا أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لصلاة مكتوبة أو ما لا بد منه، ولا يرقأ دمعه حتى نبت العشب من دمعه إلى رأسه، ولم يشرب ماء إلا وثلثاه دمع، وجهد نفسه راغبا إلى الله في العفو عنه حتى كاد يهلك، واشتغل بذلك عن الملك حتى وثب ابن له يقال له: ايشا على ملكه، ودعا إلى نفسه، واجتمع إليه أهل الزيغ من بني إسرائيل، فلما غفر له حاربه فهزمه.
  وروي أنه نقش خطيئته في كفه لا ينساها.
  وفي التهذيب عن النبي ÷: «خد الدموع في وجه داود خديد الماء في الأرض».
  وعنه ÷: «كان الناس يعودون دواد يظنون أنه مريض، وما به مرض إلا الحياء وخوف الله تعالى».
  وعن الحسن: إن داود بعد ما أصاب الخطيئة كان يصوم الدهر ويقوم الليل كله، ويقول: يا داود الخاطئ، وقد جاء في الحديث أن داود كان يصوم يوما ويفطر يوما، فلعل ذلك قبل خطيئته، وقد ظهرت الثمرات في شرح المعنى، منها حسن الاستدلال على المراد، وجواز احتجاب النبي والإمام على وجه لا يضر، وجواز تصوير المقصود في غير موضعه، وجواز الكناية باستعمال المجاز، وأنه لا يجوز القضاء لخصم قبل أن يسمع كلام الآخر، وأنه لا يخطب على خطبة الغير بعد المراضاة، وأنه يجب عزل الشهوة عن الحق فيتألم لما يؤلم المؤمن ولو عاد إليه نفع.
  ومنها أن لا يأخذ الإنسان إلا ما طابت به نفس الغير؛ لأنه قد قيل: إن عادة أهل زمان داود الإيثار، وأن من أعجبته امرأة سأل زوجها أن ينزل