تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {فضرب الرقاب}

صفحة 208 - الجزء 5

  وروي أن الحجاج أتى بأسير فقاول ابن عمر في قتله، فقال: ما بهذا أمر الله تعالى، يعني في قوله: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً}.

  وقال الأكثر: إنه يجوز قتل الأسير، وإن هذا المفهوم منسوخ بقوله تعالى في سورة براءة: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}⁣[التوبة: ٥] وبقوله تعالى في سورة الأنفال: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ}⁣[الأنفال: ٥٧] وهذا مروي عن قتادة والسدي، وابن جريج، وادعى أبو جعفر الإجماع على جواز قتل الأسير، وجوز القتل أبو طالب، وذلك قول أحمد والشافعي، واختاره في الانتصار، وقد قتل ÷ أسيرين من أسرى بدر في الطريق وهما: عقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث،

  وظاهر كلام الهادي # المنع من قتل الأسير إلا بشرطين:

  أحدهما: أن يظهر منه كيد بعد أسره.

  الثاني: أن تكون الحرب قائمة، وهذا إذا لم يقتل أحدا، فإن كان قد قتل قتل.

  الثمرة الخامسة: جواز إطلاقه ومفاداته بمال أو بأسير للمسلمين، وظاهر هذه الآية جواز ذلك، وقد منّ ÷ على أبي غرة الجمحي في أسره المرة الأولى، وقتله في أسره المرة الثانية، ومنّ ÷ على أبي العاص بن الربيع.

  وأما المفاداة بمال أو بأسير فيجوز ذلك لظاهر الآية، وقد فادى رسول الله ÷ أسيرا من بني عقيل برجلين من المسلمين، وهذا هو قول عامة أهل البيت، ومالك، والشافعي، ذكره في (شرح الإبانة)، وهو ظاهر قول الأخوين، ومروي عن أبي يوسف، ومحمد، وتكون هذه الآية ناسخة لما في الأنفال في قوله تعالى: {ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى}⁣[الأنفال: ٦٧].