قوله تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا}
  عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً}[الفتح: ٢٤ - ٢٥]
  اعلم أن هذه النكتة الكريمة لها ثمرات:
  الأولى: جواز مصالحة الكفار مدة، حيث تكون الشوكة للكفار أو يرجى إسلامهم، لا أن كانت الشوكة للمسلمين لقوله تعالى:
  {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} وإذا جاز صلح الكفار مدة على الوجه المذكور فكذا أصلح البغاة، وهذا يؤخذ مما روي في سبب نزول الآية أن النبي ÷ لما نزل بالحديبية أمره تعالى أن يصالح فصالح عشر سنين، وعلى أن تخلو له مكة في العام القابل ليعتمر، وكان ÷ قد أحرم وقلد الهدي، وكان الهدي سبعين بدنة، وهم سبعمائة، ودخل رسول الله ÷ لعمرة القضاء في مثل ذلك الشهر فهذه ثمرة.
  الثانية: جواز المن على الكفار؛ لأنه قد روي أن المشركين بعثوا أربعين رجلا عام الحديبية ليصيبوا من المسلمين فأتي بهم إلى رسول الله ÷ أسرى فخلا سبيلهم، عن ابن عباس.
  وقيل: كانوا ثمانين من أهل مكة هبطوا إلى جبل التنعيم عند صلاة الفجر عام الحديبية ليقتلوا فأخذهم الرسول # ومنّ عليهم، عن أنس.
  وقيل: كان ÷ في ظل شجرة وبين يديه علي # يكتب كتاب الصلح، فخرج ثلاثون شابا بالسلاح فدعا عليهم ÷ فعميت أبصارهم وأخذوا فمنّ عليهم، وقيل: غير ذلك، وهذه حجة على جواز المنع، وقد تقدم ذلك.