تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون}

صفحة 249 - الجزء 5

  وعنه ÷: «من أصلح بين اثنين استوجب ثواب شهيد».

  وعن أنس: من أصلح بين اثنين أعطاه بكل كلمة عتق رقبة، وهذا الوجوب كالأمر بالمعروف، وقد تبين أن لم يقم غيره مقامه وإلا فهو فرض على الكفاية، ويشترط لوجوبه ما يشترط في النهي عن المنكر، ومنها: أنه يكون الصلح بالأسهل، فلا يقاتل الباغي إن أمكن بدون قتال.

  ومنها: أنه يجوز قتال الباغي، ويجب، ويهدر دمه، وأنه يجوز الخروج على الظلمة، وأنه لا يفترق الحال بين أن يكون مع الإمام أم لا، وهذا حيث يكون ذلك دفعا عن البغي، والبغي طلب ما ليس له ظلما.

  قال الحاكم: وتدل أن الباغي لا يكون إماما؛ لأن من يجب قتاله لا تجب طاعته، قال: وتدل الآية على وجوب المصالحة بعد الفيء لتزول الضغائن.

  وقد قال [الإمام] يحيى بن حمزة: لا خلاف بين أئمة العترة أن جهاد البغاة أفضل من جهاد الكفار وهو قول الحنفية؛ لأن معصيتهم في دار رب العالمين، فكانت كالمعصية في المسجد، وهي أغلظ من المعصية خارج المسجد، وقد تقدم أنه يرد على هذا أن يقال: معصية الكفر أغلظ من معصية البغي، فسبيل ذلك سبيل من عصى في المسجد، بأن يظلم درهما وعصى خارج المسجد بأن يظلم درهمين، ونحو هذا، فإنه يقدّم دفع من عظمت معصيته.

  قال في التقرير: من استمر من الظلمة على الجبايات فلا خلاف أنه يجب دفعه من باب النهي عن المنكر، مع إمام وغيره.

  قال في (الروضة والغدير): قتال البغاة أفضل من قتال الكفار، ذكره يحيى بن عبد الله، وموسى بن عبد الله، والمرتضى، والمؤيد بالله، والمنصور بالله، وهو الذي يظهر من كلام المنصور بالله الحسن بن محمد، والحسن بن وهاس، والفقيه عبد الله بن زيد.