قوله تعالى: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم}
  وقال عند مالك: يحرم النظر للشهوة، ويجوز النظر إلى الوجهين والكفين.
  وقال أبو حنيفة: إنما يكره النظر إلى الفرج فظاهر تعليل الشرح أن النظر للذة محرم، ذكره في التهذيب للهادي.
  وعن السيد يحيى: لا يحرم؛ لأنه ليس بمسيس، وسبب الخلاف أن المسيس له دلالتان حقيقية وهي نفس اللمس، ومجازية وهي الجماع، وقد اتفقوا على أن المجازية مراده، واختلفوا هل يراد الحقيقية مع المجازية أم لا، ومبنى الخلاف على مسألة أصولية، وهي هل يجوز أن يراد باللفظة الواحدة حقيقتها أو مجازها أو لا، فمذهبنا جواز ذلك.
  وقال أبو حنيفة وأبو هاشم، وأبو عبد الله: لا يجوز ذلك، فيحرم اللمس بدليل آخر، ومن منع من الاستمتاع قاسه على الطلاق البائن؛ لأنه لفظ موجب للتحريم.
  ويتعلق بهذا الفصل فروع:
  الأول: هل يمنع المظاهر من الخلوة بالمظاهر منها أم لا؟ وهاهنا تفصيل وهو أن يقال: إن ظهر الخوف من الوقاع منع، وإن لم فقال ابن الحاجب: الأشهر أنه لا يمنع، ويجب عليها منعه، وإن خافت رفعت أمرها إلى الحاكم.
  الفرع الثاني: أن يقال إذا عصى بالوقوع ما حكم الوطء بعده؟ فقال المنصور بالله: قد عصى ويجوز له بعد ذلك التكرار.
  وقال الزمخشري وابن داعي: لا يجوز له، واحتج بأن سلمة بن صخر لما واقع امرأته قبل التكفير قال له الرسول ÷: «استغفر عن ذنبك ولا تعد حتى تكفر».
  إن قيل: هل في قوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} إشارة إلى أحد القولين، ولعله يقال: فيه إشارة إلى قول الزمخشري بأن الوطء محرم؛