تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة}

صفحة 354 - الجزء 5

  النزول

  قال في الكشاف: روي أن مولاة لأبي عمرو بن صيفي يقال لها سارة أتت إلى رسول الله ÷ المدينة وهو يتجهز للفتح فقال لها: «أمسلمة جئت» قالت: لا، قال: «أفمهاجرة» قالت: لا، قال: «فما جاء بك»؟ فقالت: كنتم الأهل والموالي والعشيرة، وقد قتلت الموالي - تعني قتلوا يوم بدر - فاحتجت حاجة شديدة فحث عليها بني عبد المطلب فكسوها وحملوها، وزودوها فأتاها حاطب بن أبي بلتعة، وأعطاها عشرة دنانير وكساها بردا، واستحملها كتابا إلى أهل مكة نسخته: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة، اعلموا أن رسول الله ÷ يريدكم فخذوا حذركم، فخرجت سارة، ونزل جبريل بالخبر فبعث رسول الله ÷ عليا وعمارا، وعمر، وطلحة، والزبير، والمقداد، وأبا مزيد، وكانوا فرسانا وقال: «انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب من حاطب إلى أهل مكة، فخذوه منها وخلوها فإن أبت فاضربوا عنقها، فأدركوها فجحدت وحلفت فهموا بالرجوع فقال علي ¥: والله ما كذبنا ولا كذب رسول الله ÷ وسل سيفه وقال: أخرجي الكتاب أو يضيع رأسك، فأخرجته من عقاص شعرها.

  وروي أن رسول الله ÷ أمر جميع النساء يوم فتح مكة إلا أربعة هي أحدهم فاستحضر ÷ حاطبا وقال: ما حملك عليه، فقال: يا رسول الله ما كفرت منذ أسلمت، ولا غشيتك منذ نصحتك، ولا أحببتهم منذ فارقتهم، ولكني كنت امرأ ملصقا في قريش، وروي عريرا فيهم - يعني غريبا - فخشيت على أهلي فأردت أن اتخذ عندهم يدا، وقد علمت أن الله ينزل عليهم بأسه، وإن كتابي لا يغني عنهم شيئا، فصدقه وقبل عذره، وقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال: «وما يدريك يا عمر، لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» ففاضت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم.