قوله تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}
  أما الأول: فهو من الأمور المحمودة عند الله؛ لأنه تعالى أمر ببشارتهم، ثم وصفهم بقوله تعالى: {الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ} يعني عبيده وملكه، فيفعل فينا(١) ما يشاء، وهذا فيما يكون من جهته تعالى.
  وقوله: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ} فيما يكون من الغير، فينتصف لنا.
  قال الحاكم: والآية تدل على أن العبد مكلف بهذا القول عند المصيبة، لأنه خبر في معنى الأمر، قال: وهو مندوب إليه، وقد يجب عند تهمة الجزع؛ لأن إظهاره دلالة الصبر.
  قال الحاكم: ومجرد هذا القول لا يكفي؛ لأنه لو اعتقد خلافه مع النطق به أو أتى من الأفعال بما يخالفه لم يستحق البشارة، ولكن يقول بلسانه، ويعتقد بقلبه، ويفعل بجوارحه ما يدل على الرضا والتسليم من ترك الجزع، واعتقاد أن ذلك مصلحة، وحكمة، فما كان من جهته تعالى اعتقد أنه عدل وحكمة ومصلحة، وأما ما كان من جهة الغير فيجب الصبر على التخلية، التي من جهته تعالى، ويعتقد أنها لضرب من المصلحة، ولا يجب الصبر على فعلهم، بل يجب الدفع والجهاد، وهذا الاسترجاع عام في كل مصيبة.
  قال الزمخشري: وروي أنه طفئ سراج رسول الله ÷ فقال «{إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ} فقيل: أمصيبة هي؟ فقال: (نعم، كل شيء يؤذي المؤمن فهو له مصيبة).
  وعن الشافعي ¦: «الخوف: خوف الله، والجوع: صيام رمضان، والنقص من الأموال: الزكوات والصدقات، ومن الأنفس: الأمراض، ومن الثمرات: موت الأولاد».
(١) في ب (فيفعل بنا).