قوله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم}
  واختلف هل في الآية حذف؟ فقيل: نعم، والتقدير: أن السعي بين الصفا والمروة من شعائر الله.
  وقيل: لا حذف، قال ابن عباس: المراد بقوله تعالى: {مِنْ شَعائِرِ اللهِ} من المناسك.
  وعن الحسن: من دين الله، وعن أبي علي: من أعلام مواضع عباداته.
  فإن قيل: كيف جعلا من الشعائر، ثم قال تعالى: {فَلا جُناحَ عَلَيْهِ} ورفع الجناح يستعمل للمباح، كقوله تعالى: {فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا}[البقرة ٢٣٠] قلنا: إنما جاء بهذه اللفظة لرفع التحرج الذي كان سببا لنزول الآية، وإلا فذلك إجماع(١).
  الحكم الثاني: إذا ثبت أن ذلك عبادة وقربة، فهل في الآية دلالة على الوجوب؟ أو على الندب فقط؟ وإذا قلنا بالوجوب، فهل يجبره دم؟ أو لا يجبره دم؟.
  فقال الحاكم: ليس في الظاهر ما يدل على شيئ من ذلك، فيرجع إلى دليل آخر، وقيل: بل يستنبط من الآية عدم الوجوب، وسيأتي بيان ذلك، وللعلماء ثلاثة أقوال.
  الأول: أن السعي بين الصفا والمروة سنة غير واجب، وذلك مروي
(١) في النيسابوري في تفسير الإباحة المأخوذة من الاحتجاج (تنصرف إلى وجود الضمير حال السعي، لا إلى نفس السعي، كما لو كان على الثوب نجاسة يسيرة عند أبي حنيفة، أو دم البراغيث عندنا، فيقال: لا جناح عليك أن تصلي فيه، فإن رفع الجناح ينصرف إلى مكان النجاسة، لا إلى نفس الصلاة، والله أعلم. (ح / ص).