قوله تعالى: {سنسمه على الخرطوم إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون}
  الجنة دون صنعاء بفرسخين ذكره في التهذيب والكشاف، وهذا حين كانت صنعاء متسعة.
  قال في الكشاف: فكان يأخذ منها قوت سنته ويتصدق بالباقي، وكان يترك للمساكين ما أخطأه المنجل، وما في أسفل الأكداس، وما أخطأه القطاف من العنب، وما بقى على البساط الذي يتساقط تحت النخلة إذا صرمت، فكان يجتمع لهم شيء كثير، فلما مات قال بنوه: إن فعلنا ما كان يفعل أبونا ضاق علينا الأمر، ونحن أولو عيال فحلفوا ليصرمنها مصبحين في السدف خفية عن المساكين، ولم يستثنوا في يمينهم فأحرق الله جنتهم.
  ومعنى: {وَلا يَسْتَثْنُونَ} أي لا يقولون: إن شاء الله، وسمي استثناء، وإن كان شرطا؛ لأنه يؤدي معنى الاستثناء؛ لأن قولك لا أخرج إن شاء الله بمعنى لا أخرج إلا أن يشاء الله.
  وقيل: معنى {وَلا يَسْتَثْنُونَ} يعني: حق الفقراء، واختلف ما هو فقيل: العشر، وقيل: ما يتساقط عند الصرام، وكان هذا واجبا إذ لا يعاقبون إلا على ترك واجب،
  وقد اقتطف من هذه ثمرات:
  منها: أن فيما أخرجت الأرض واجبا، وهذا ثابت في شريعتنا، وبيانه من جهة السنة.
  ومنها أن العزم على القبيح قبيح؛ لأنهم عوقبوا على عزمهم.
  قال الحاكم: وإذا عوقبوا على هذا فكيف من أخذ أموال الناس ظلما وهذا يأتي حجة للقاسم، والهادي، والناصر، ومن وافقهم من المتكلمين أن العزم على الكبيرة كبيرة.
  وعند المؤيد بالله في قوله الظاهر، والمنصور بالله: أنه ليس بكبيرة، وعند أبي هاشم إن شارك العزم المعزوم عليه فيما كان كفرا أو