تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {فسبح باسم ربك العظيم}

صفحة 456 - الجزء 5

  وعن أحمد بن يحيى ثعلب قال لي محمد بن عبد الله بن طاهر: ما الهلع؟ فقلت: قد فسره الله فلا يكون تفسيرا أبين من تفسيره وهو الذي إذا ناله شر أظهر شدة الجزع، وإذا ناله خير بخل به،

  وفي معنى الخلق المذكور وجهان:

  الأول: ذكره في الكشاف أن الجزع والمنع لتمكنهما في الإنسان صار كأنه مجبول عليهما، وكأنه أمر خلقي، كقوله تعالى: {خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ}⁣[الأنبياء: ٣٧] بدليل أنه حين كان في البطن والمهد لم يكن به هلع، ولأنه ذم، والله تعالى لا يذم على فعله، ولهذا تعالى استثنى المؤمنين الذين جاهدوا نفوسهم فلم يكونوا جازعين ولا مانعين.

  وعنه ÷: «شر ما أعطى ابن آدم شح هالع، وجبن خالع».

  الوجه الثاني: ذكره في التهذيب أن المعنى خلق مشتهيا؛ لأن التكليف لا يكون إلا بذلك، والشهوة تدعوه إلى الهلع.

  الثمرة الثانية: تأكيد هذه الخصال التي استثنى الله تعالى صاحبها، وذكرها على سبيل المدح، وهي المداومة على الصلاة فلا يخلون بشيء منها، والمحافظة عليها فلا يشغلهم شاغل عن تأديتها في أوقاتها، شروطها وسننها، ولا يفعلون ما يحبطها، ومن كان في ماله حق معلوم، والمراد يذكر ذلك الحق قيل: أراد به الزكاة؛ لأنها معلومة، أو صدقة يوظفها الرجل على نفسه، يؤديها في أوقات معلومة، ولقد علمت بعض من حسن قصده فوصف على نفسه أن يقسم نصف قوته للصدقة ويأكل النصف مما يكفيه، وأمثال هذا، وقد جعل الله للسائل حقا لأجل سؤاله، وذكره في مواضع من كتابه، نحو: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ}⁣[الضحى: ١٠] وقد جاء في الحديث: «للسائل حق ولو جاء على فرس».

  وأما المحروم فهو من تعفف عن السؤال فيحسب غنيا فيحرم، وقيل: الذي لا حظ له، وقيل: الذي أصاب ماله جائحة.

  وقيل: المحروم الكلب والسنور ونحوهما مما يطوف، وقد