قوله تعالى: {رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا}
  أجل هذا اختلفوا، فقال أبو حنيفة: لا تسن الصلاة ولا الخطبة، فإن صلوا وحدانا فلا بأس. وفي الشرح: هي كسائر النوافل.
  وقال الأكثر: إنه يسن للاستسقاء صلاة؛ لأنه # صلى للاستسقاء، وقوّى هذا صاحب النهاية، وقال: ترك الصلاة يفيد أنّها غير شرط في الاستسقاء؛ لا أنه يفيد أنها ليست سنة؛ لأنه قد فعلها، واختلفوا في صفة الصلاة، فقال زيد بن علي: كصلاة العيد؛ لأنه قد ورد ذلك في حديث ابن عباس.
  وقال المؤيد بالله، والناصر، ومالك: لا تكبير فيها كتكبير العيد.
  وقال الهادي: أربع ركعات بتسليمتين.
  قال القاسم #: وإن سلم في آخرها جاز.
  ووجه كونها أربعا أنه # استسقى بصلاة الجمعة، وهي أربع ركعات في الحكم، يقال: لا وجه لتمحل التنبيه في الحكم، والقياس مع وجود النص وصفة الصلاة ودعاؤها مأخوذ من السنة، وقد أمر الله تعالى بالاستغفار، ووعد عليه بنزول الأمطار فقال تعالى في هذه الآية: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً} وقال تعالى في سورة هود: {وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً}[هود: ٥٢] وفي هذا دلالة على أنه يجب الرجوع إلى الله تعالى بالتوبة؛ لئلا يسد باب الإجابة، شعرا:
  كيف نرجوا إجابة لدعاء ... قد سددنا طريقه بالذنوب
  قوله تعالى: {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً}[نوح: ٢٦].
  ثمرتها: جواز الدعاء بهلاك الظالمين، وقيل: إنه # دعا بإذن الله تعالى، بعد أن أخبره الله تعالى بعدم إيمانهم، وأنه لا يؤمن أحد من نسلهم.